التجني على الحقائق في كتابات المستشرقين - (لامانس) وكتابه (فاطمة وبنات محمد) انموذجا -

د. كاظم عبد فريح،

 قسم اللغة العربية، كلية التربية الأساسية، جامعة ميسان، العراق

   أحدثَ الإستشراقُ جدلاً واسعا في الأوساطِ العلمية تأيداً ورفْضا حينَ إنحاز عنِ المَنهجية العلميّة الحقيقيّة التي إدّعى تبنّيها،إنحازَ مِن كونهِ دراسةً حضاريّةً إنسانيّةً للحضارةِ الغربية ، وحركتِها التبشيريّةِ الإستعماريّة، فانكشفَ الوجهُ الإستعماريّ التبشيري البَغيض  لكثيرٍ من مُصنّفات علمائها. بدأ الإستشراقُ بدراسةِ الشرقِ وأديانهِ وطبيعتهِ الإجتماعيّةِ، وانتهى الى صورةٍ مُشوّهةٍ للشرق ، صورةٌ يعتريها التشويهُ والتضليلُ, ممّا جعلت الاوربييّن ينظرون الى كلِّ ماهو مشرقيٍّ بعين الإزدراءِ والاستهزاء، صورةٌ بدا فيها المشرقيُّ مُتوحّشاً همجيا ضالّا مُتخلِّفاً, مُمهّدين في ذلك للحركةِ الإستعماريةِ التي زعموا أنّها ستنقذ آُولئك مِن هذه الوحشيّة والهمجيّة والضلالةِ, ونتيجة لنقلِ هذه الصورة المُشوَّهة للمَشرقيّن التي طغت في المُنتَج السينمائي والتلفويوني والإعلامي؛ وجدَ الاوربيُّ نفسه مُتعاليا على هذه الشعوب. مِن هنا ارتبط الإسلامُ وقرآنه ونبيّه بتلكَ الصورة المُشوَّهة، فارتبط ذلك كلُّه بالتخلّفِ والشهوانية وحبِّ القتلِ والإسرافِ فيه, مثلما ارتبطَ بالفُسقِ والخَديعةِ والغدرِ، فتجلَّت حركةُ الإستشراق – في كثير من مصاديقها- بالحركةِ التبشيريّة الاستعماريّة التي سوَّقته كنوعٍ منَ الانقاذِ مِن براثنِ الجهل والغوغائية. إنَّ كثيراً من المدارسِ التبشيريّة إبتعدت عنِ الروحِ العلميَّة الدقيقة والمنهج العلمي المُحايد الذي زعموا أنَّهم رُوّادُه والساعون الى اعتماده في كتاباتِهم, وعلى الرغم مِن تَبحُّر الكثيرِ منهم في شتّى العلوم وإحاطتهم لعلومِ اللغات والتاريخ والأدب، وإتقانهم لآليَّةِ المنهجِ العلمي القويم، لم يكُونوا – بعضهم- مُنصِفين فيما سطّورهُ من تاريخ العِترة الطاهرة ،ولاسيَّما ما يتعلَّق برسولِ الله وعترتهِ الطاهرة  كَما سيتَّضح. وكنموذجٍ من مصاديقِ هذا التضليل نقفُ في هذا البحث عندَ المُستشرق ( لامانس) وكتابه (فاطمة وبنات محمد) ، كتابٌ يُمثِّل نيلًا منَ الإسلام ونبيِّه, إنْبرى( لامانس) مِن هؤلاء بينَ قصديَّةٍ أو جهلٍ للنيل منها بينَ تحريفٍ وقراءةٍ لنصوصٍ لم تكُن محلَّ اتِّفاقٍ وإجماع في المُنتجَ الإستشراقي نفسه، لذلك توزَّع البحثُ على مَبحَثين؛ الأوَّل منها للوقوف عند ذلك الكتاب ومؤلِّفه ، وجذور تلك الأقوال والإفتراءات التي ساقَها بينَ ثنايا سطوره، والثاني لاستعراضِ أهمِّ مصاديق المَظلمة التي وقعتْ على فاطمةَ الزهراء (سلام الله عليها)  في  الكتاب محلّ البحثِ والردود عليها، مع استعراض ردود الفريق المُقابل ممَّن لم يرتضي تلك المظلومة من لامانس التي لم تصدر عمّا يسندها من حجيَّةٍ تاريخيَّة مُعتمدة.

الكلمات المفتاحية: الاستشراق، الحرکة التبشيرية، لامانس، الإستعمارية.

 الملخص أعلاه جزء من البحث التي تم قبوله في المؤتمر الدولي التاسع حول القضايا الراهنة للغات، علم اللغة، الترجمة و الأدب (WWW.LLLD.IR) ،  1-2 فبرایر 2024 ، الأهواز.


طباعة